اختتمت جامعة الملك خالد مساء أمس أعمال منتدى توجهات المستقبل "الجامعات والتنمية المستدامة"، الذي نظمته وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي على مدى يومين، وسط مشاركة من خبراء دوليين وحضور كثيف.
وناقش المنتدى دور الجامعات في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز اقتصاد المعرفة، والابتكار البحثي، وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقد افتُتح المنتدى بجلسة حوارية أدارها رئيس جامعة الحدود الشمالية سابقًا معالي الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى الشهري، ضمت ممثلي الجهات السيادية والإقليمية، متماشية مع ركائز المنتدى الثلاث: الإنسان، والأرض، والاقتصاد، حيث أكد المدير التنفيذي لقطاع تحقيق الرؤية في هيئة تطوير منطقة عسير المهندس ياسر قاري، أن الهيئة تعمل بالشراكة مع جامعة الملك خالد على تطوير القطاع السياحي، مستهدفة 9 ملايين سائح، باستثمارات تتجاوز 27 مليار ريال، وتطوير 30 قرية تراثية، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي ودعم التنمية المستدامة.
وفي ذات السياق أكد معالي رئيس جامعة الملك خالد الأستاذ الدكتور فالح بن رجاء الله السلمي، أن الجامعة تعمل على مواءمة استراتيجيتها مع استراتيجية تطوير منطقة عسير، عبر تطوير البرامج الأكاديمية والمراكز البحثية المتخصصة، مشيرًا إلى أن الجامعات تلعب دورًا أساسيًّا في دعم التنمية من خلال البحث والابتكار، فيما أشار الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الأستاذ الدكتور عمرو عزت سلامة، إلى دور الاتحاد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تطوير التعليم، وتمكين المرأة والشباب، وتعزيز الابتكار، ومواجهة التغير المناخي، من خلال المجلس العربي للتنمية المستدامة.
كما شهد المنتدى توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المميزة، وشملت هذه الاتفاقيات مذكرة تفاهم مع جامعة جازان، بهدف تعزيز التعاون البحثي ونقل المعرفة بين الجامعتين، كما تم توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة الملك خالد ومركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم، وفي المجال الصحي، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجامعة وتجمع عسير الصحي؛ لتعزيز التعاون في التعليم الطبي والتدريب والبحث العلمي، وفي خطوة نحو دعم الابتكار وريادة الأعمال، أبرمت الجامعة اتفاقية تعاون مع نادي الابتكار السعودي، بالإضافة إلى توقيع وثيقة تفاهم بين مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للأبحاث البيئية واستدامة الموارد الطبيعية بجامعة الملك خالد والرابطة العالمية للتنمية المستدامة في المملكة المتحدة، بما يعزز مجالات التعاون الأكاديمي والتنموي.
وتضمّنت أعمال المنتدى عددًا من الأوراق العلمية والجلسات الحوارية، ابتدأت بجلسة حوارية تحت عنوان: "الجامعات ودورها في تعزيز رأس المال البشري" أدارها المستشار المتخصص في بناء استراتيجيات التعليم العالي وتصنيف الجامعات والتميز البحثي الدكتور حبيب فردون، وشارك فيها معالي الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى الشهري ، الذي أكد على ضرورة ربط التوجهات الاستراتيجية للجامعات بالمنطلقات الوطنية لتحقيق التوازن والمواءمة، فيما أوضح وكيل جامعة الملك خالد للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذ الدكتور حامد بن مجدوع القرني، أن الجامعات هي المصدر الرئيسي للمعرفة والتوجهات الاستراتيجية، وهي التي تصنع المورد البشري القادر على تحقيق الأهداف التنموية، فيما أضاف الأستاذ الدكتور وائل عبدالحكيم موسى من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن الجامعات تضطلع بمسؤولية تطوير الموارد البشرية، وتعزيز البنية التحتية، والأخذ بزمام المبادرة في دعم الابتكار وريادة الأعمال، ومن جانبه أكد وكيل البحث والابتكار في عمادة البحث والدراسات العليا والمشرف على وحدة التصنيفات الدولية في جامعة الملك خالد الدكتور محمد بن سعيد القحطاني، على أن مخرجات الجامعة ليست مجرد موارد بشرية؛ بل هي أدوات فاعلة تسهم في تعزيز تنافسية السوق المحلي، والإقليمي، والدولي.
تلا ذلك ورقة علمية بعنوان: "الجامعات السعودية وتعزيز القدرات البيئية الوطنية: آليات التطوير وفرص الابتكار" قدمها الخبير في المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر المهندس أحمد ملاش العنزي، الذي تناول دور الجامعات في دعم التنمية المستدامة من خلال البحث العلمي، والتركيز على التحديات البيئية والفرص الاقتصادية، إلى جانبه، قدّم الأستاذ الدكتور إبراهيم الصيني ورقة علمية بعنوان “دور الجامعات السعودية في التحول السياحي الوطني”، حيث أكد على أهمية تحويل الجامعات إلى مختبرات حية للتجربة والابتكار؛ لضمان استدامة التنمية في قطاع السياحة.
وفي هذا الإطار، استعرض الدكتور إسماعيل بيلين في ورقته العلمية "أهمية دور الجامعات في تعزيز الممكنات البيئية على المستوى العالمي: تحديات وحلول مستدامة" حيث سلط الضوء على دور الجامعات في تعزيز الممكنات البيئية عالميًا، وتمكين الشراكات الدولية لتحقيق حلول مستدامة تسهم في التكيف مع التغير المناخي وحماية الموارد الطبيعية، وفي الجلسة الحوارية الثانية التي أدارتها مديرة مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للأبحاث البيئية واستدامة الموارد الطبيعية الدكتورة رحمة القثانين بعنوان: "الجامعات ودورها في تعزيز الممكنات الوطنية البيئية والسياحة"، والتي أشار فيها المهندس أحمد العنزي على أهمية المساهمة في بناء قطاع سياحي مستدام يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما أكد الدكتور إسماعيل بيلين على ضرورة استثمار الكفاءات الأكاديمية وتوظيف الابتكار لتعزيز التنوع الاقتصادي، فيما أشار مدير المركز الوطني لأبحاث الموهبة والإبداع الدكتور عادل الشعيبي إلى أهمية الجامعات كمحرك رئيسي للتنمية المستدامة، من خلال مختبرات مركزية متخصصة تدعم البحث والابتكار، وتعزز كفاءة الأداء البيئي.
وفي اليوم الثاني، تواصلت أعمال المنتدى بسلسلة من الجلسات الحوارية والأوراق العلمية تحت عنوان: "الجامعات ودورها في تنمية اقتصاد المعرفة"، حيث استُهلت بعرض ورقة علمية قدّمها وكيل جامعة الملك خالد للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذ الدكتور حامد بن مجدوع القرني، بعنوان: "الجامعات السعودية كمحرك رئيس لتنمية اقتصاد المعرفة"، مؤكدًا أن العلم منتج للمال، ومشيرًا إلى استراتيجيات البحث والابتكار لتحفيز الاقتصاد القائم على المعرفة، وتعزيز دور الجامعات في دعم رؤية المملكة 2030.
وفي هذا الإطار، ناقش الدكتور حبيب فردون، دور التكنولوجيا في تعزيز الاقتصاد المعرفي، وآليات بناء بيئة أكاديمية داعمة للابتكار وريادة الأعمال، كما شهد المنتدى مشاركة خبير القيادة والإدارة الأستاذ محمد بن مفلح الدرعاني، حيث ناقش البناء التنظيمي للجامعات، وأهمية تطوير الهياكل الإدارية لدعم التنمية المستدامة، مشيرًا إلى التحديات التي تواجه بعض المؤسسات الأكاديمية، مثل المركزية المفرطة، وضعف الحوكمة الإدارية.
وفي السياق ذاته، قدّم الدكتور عادل بن أحمد الشعيبي، ورقة علمية بعنوان "الجامعات السعودية وتنمية اقتصاد المعرفة: من التحديات المحلية إلى التميز العالمي"، تناول فيها ضرورة تطوير الكفاءات البشرية، وتعزيز البحث العلمي والابتكار، ومواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى أهمية الشراكات الأكاديمية العالمية في تحقيق التميز، كما استعرضت الدكتورة رحمة القثانين مفهوم التكامل من أجل التنمية المستدامة، وتأثيره على المجالات البحثية في البيئة، والزراعة، والاستدامة البيئية.
واختُتم المنتدى بجلسة حوارية بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز أمير منطقة عسير ورئيس هيئة تطويرها، وضمّت الجلسة فريق جامعة الملك خالد، وفريق مؤسسات التصنيف الدولية، حيث ناقش الحضور أهمية الشراكات الأكاديمية في دعم التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة الجامعات في التصنيفات العالمية، ودورها في تحقيق التحول الاقتصادي والمعرفي.